مع حلول فصل الشتاء وارتفاع منسوب التساقطات المطرية بطنجة ونواحيها، تطفو إلى السطح هشاشة البنيات التحتية بالمدينة، كاشفة اختلالات بنيوية تعكس ضعف التخطيط وغياب الاستعداد الاستباقي لمواجهة الفيضانات، وتعيد طرح سؤال جودة التعمير بمدينة يفترض أنها قطب اقتصادي وسياحي وواجهة قارية.
وخلال الأيام الأخيرة، أظهرت الأمطار الغزيرة حجم الخروقات المرتكبة في مجال البناء والتجهيز، خاصة داخل تجزئات سكنية حديثة تفتقر إلى أبسط شروط تصريف مياه الأمطار، رغم ارتفاع أثمنة الشقق بها. كما غمرت المياه عددا من الطرقات والأحياء، في مشاهد أثارت استياء واسعا، خصوصا أن المدينة تستعد لاحتضان تظاهرات رياضية كبرى يفترض أن تكون معها الجاهزية في أعلى مستوياتها.
هذه الوضعية وضعت المجلس الجماعي والأغلبية المسيرة في مرمى انتقادات متزايدة، بسبب محدودية قدرة الشبكات الحالية على استيعاب التساقطات، واستمرار تكرار المشهد نفسه مع كل موسم مطري، دون حلول جذرية تنهي معاناة الساكنة.
ويرى متتبعون للشأن البيئي والعمراني أن الفيضانات لم تعد أحداثا استثنائية، بل ظاهرة مرشحة للتكرار بفعل التغيرات المناخية، ما يستدعي اعتماد مقاربة وقائية تقوم على تعزيز اليقظة، وتطوير بنيات الصمود، وإبداع حلول مستدامة تراعي الحكامة وجودة القرار.
وفي الوقت الذي ساهمت فيه بعض مشاريع التأهيل السابقة في الحد من الفيضانات داخل مناطق معينة، ما تزال أحياء أخرى، خاصة ناقصة التجهيز، تعاني من البناء غير المنظم وضعف شبكات الصرف، وهو ما يجعلها الأكثر تضررا. كما يثير تسجيل فيضانات قرب بنايات حديثة التساؤل حول نجاعة المراقبة واحترام دفاتر التحملات.
وتبقى غياب التدخلات الاستباقية، وضعف التنسيق في لحظات الإنذار، من بين أبرز النقاط التي تغذي الغضب المحلي، وتعمق الإحساس بأن المدينة ما زالت تؤدي ثمن اختيارات عمرانية وتدبيرية تفتقر إلى الرؤية والاستدامة.






تعليقات
0