بينما تتجه أنظار العالم نحو المغرب، الذي يستعد لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، يشهد المشهد الاستثماري في المملكة تحولًا نوعيًا يعكس دينامية غير مسبوقة في القطاعات المرتبطة بالحدث الكروي الأكبر عالميًا.
فمع اقتراب الموعد التاريخي، دخلت رؤوس الأموال الخليجية في سباق نفوذ اقتصادي نحو المغرب، تقوده مؤسسات استثمارية كبرى من قطر والسعودية والإمارات، تضع نصب أعينها قطاعات الضيافة والسياحة الفاخرة والعقارات، باعتبارها الرهان الاستراتيجي لمرحلة ما بعد المونديال.
شركات قطرية مثل «كتارا للضيافة» و«الديار القطرية»، اللتان راكمتا خبرة كبيرة خلال تنظيم مونديال قطر 2022، تجري حاليًا مشاورات غير معلنة مع شركاء مغاربة لتنفيذ مشاريع فندقية ومنتجعات فاخرة في مدن مراكش، طنجة، أكادير، والدار البيضاء، مستفيدة من التجربة القطرية في الدمج بين السياحة الرياضية والفندقة الراقية.
في المقابل، تُبدي مجموعات سعودية كبرى اهتمامًا متزايدًا بقطاع السياحة والترفيه، لاسيما المشاريع الموجهة لاستقبال الزوار خلال فترة المونديال وما بعدها. كما تتابع شركات إماراتية عملاقة مثل «إعمار» و«ماجد الفطيم» و«مِيراس» تطورات السوق المغربي، تمهيدًا لعقد شراكات استراتيجية تجمع بين العقار والضيافة الفندقية الفاخرة، ضمن نموذج استثماري طويل الأمد.
ووفق تقديرات اقتصادية، فإن حجم الاستثمارات الخليجية في القطاع الفندقي المغربي مرشح لتجاوز 8 مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، تشمل بناء وحدات فندقية جديدة وتأهيل البنية التحتية السياحية القائمة، في إطار خطة ترمي إلى رفع الطاقة الإيوائية الوطنية إلى نحو 1.5 مليون غرفة فندقية بحلول عام 2030.
مصادر مطلعة وصفت هذا الحراك بأنه «سباق صامت» بين كبار المستثمرين، مشيرة إلى أن وفود رجال أعمال خليجيين زارت عددًا من المدن المغربية خلال الأشهر الماضية للاطلاع على مواقع محتملة لمشاريع فندقية وسياحية متكاملة، بعضها موجه خصيصًا لاستقبال النجوم الرياضيين والزوار الدوليين خلال البطولة العالمية.
ويرى مراقبون أن هذا الزخم الاستثماري يعكس رغبة خليجية في تكرار تجربة مونديال قطر 2022، الذي شكّل نموذجًا ناجحًا في الجمع بين الضيافة الفاخرة والتجديد العمراني. وتسعى الشركات الخليجية إلى نقل هذا النموذج إلى المغرب، في بيئة أكثر انفتاحًا وتنوعًا جغرافيًا.
ومع ذلك، تحذر مصادر اقتصادية من الاندفاع غير المدروس نحو المشاريع الضخمة المتركزة في المدن الكبرى دون توزيع متوازن للاستثمارات، مؤكدة أن نجاح المغرب في استغلال هذا الزخم يعتمد على قدرته على فرض رؤية وطنية شاملة تضمن استدامة العائد الاقتصادي لما بعد المونديال، وتوزيع المكاسب على مختلف الجهات والمناطق السياحية في البلاد.








تعليقات
0