شهد إقليم اشتوكة آيت باها، يوم الأربعاء، تنظيم ورشة موضوعاتية تشاورية حول واقع وحالة الموارد المائية بالإقليم، والرهانات المستقبلية المتعلقة بتحقيق تدبير مستدام لهذا المورد الحيوي. وجاء هذا اللقاء في إطار سلسلة من اللقاءات التشاورية التي تواكب عملية إعداد وتنفيذ جيل جديد من برامج التنمية الترابية التي تهدف إلى معالجة الإشكاليات المحلية.
وشكلت الورشة مناسبة أكد خلالها جميع الحاضرين على الأهمية القصوى للمخططات والإستراتيجيات التي أطلقها الإقليم لضمان توفير وتأمين التزويد بالماء الشروب للساكنة، وكذا تلبية احتياجات النشاط الفلاحي الذي يعد عصب الاقتصاد المحلي. وقد جاء هذا التأكيد في ظل ظروف صعبة يتميز بها الإقليم، أبرزها استمرار موجة الجفاف الهيكلي الطويلة الأمد، بالإضافة إلى التزايد الملحوظ والمستمر في الضغط على الموارد المائية المتاحة، مما يهدد الأمن المائي في المنطقة.
وفي نفس السياق، تطرقت العروض التقنية المقدمة من طرف ممثلي وكالة الحوض المائي سوس ماسة، بالتفصيل، إلى الاختلالات البنيوية والهيكلية العميقة التي تعاني منها المنظومات المائية بالإقليم. وتم تحديد هذه الاختلالات في ثلاثة محاور رئيسية: أولها، التراجع الكبير والملحوظ في الاحتياطي الإستراتيجي للمياه الجوفية والسطحية؛ وثانيها، الانخفاض الواضح في مردودية وكفاءة شبكات توزيع وتوصيل الماء الصالح للشرب، مما يؤدي إلى هدر كميات كبيرة؛ وثالثها، التدهور المتصاعد في جودة مياه الشرب، مما ينعكس سلباً على الصحة العامة.
ولمواجهة هذه التحديات، تم خلال اللقاء استعراض جملة من المشاريع المهيكلة والكبرى التي تم تخصيص غلاف مالي مهم لها تجاوز 400 مليون درهم. وقد أسفرت هذه المشاريع عن نتائج ملموسة على أرض الواقع، تمثلت في تزويد مئات الدواوير والنقط التجمعية المعزولة بالماء الصالح للشرب، وذلك انطلاقاً من منبع سد أهل سوس. كما شملت هذه المشاريع ربط عدة مراكز حضرية بمحطة تحلية المياه المتواجدة بالدويرة، إلى جانب إنجاز عدد من الآبار والأثقاب المائية العميقة التي ساهمت في تأمين الحاجيات اليومية من الماء للجماعات القروية الجبلية والنائية.
ولم تتوقف الجهود عند هذا الحد، بل توقفت الورشة أيضاً عند مناقشة مجموعة أخرى من المشاريع التي لا تزال قيد الإنجاز والتنفيذ. ومن بين هذه المشاريع نذكر بناء سدود تلية جديدة، وحفر آبار استكشافية إضافية، إلى جانب مشروع طموح يهدف إلى ربط المناطق الجبلية المعزولة بمحطة التحلية الرئيسية، وقد رصد لهذا المشروع الأخير غلاف مالي يقدر بحوالي 140 مليون درهم. هذا بالإضافة إلى مشاريع توسيع الطاقة الإنتاجية الاستيعابية لمحطة تحلية الدويرة، والعمل على تمكين الإقليم من الحصول على حصة مائية إضافية من محطة تحلية المياه الجديدة المرتقبة في مدينة تيزنيت.
وفي ختام المداخلات، ثمن جميع المتدخلين الجهود الكبيرة والمبذولة من مختلف القطاعات لمواجهة ظاهرة الإجهاد المائي. كما دعت هذه المداخلات إلى ضرورة تعزيز وتقوية آليات الحكامة الجيدة لتدبير الموارد المائية، بهدف الحد من ظاهرة الهدر المائي بكافة أشكالها. وطالبت أيضاً بتمكين الجمعيات المحلية والتعاونيات من لعب دور أكبر في مواكبة وتتبع برامج الشركة الجهوية للماء “سوس ماسة”، مع الدعوة إلى إطلاق حملات تحسيسية واسعة النطاق تستهدف جميع فئات المجتمع، بهدف ترشيد استهلاك الماء وتبني سلوكيات إيجابية تجاهه. كما طالبت المداخلات بتحقيق مبدأ العدالة المجالية، من خلال تعميم الاستفادة من مياه محطة التحلية على جميع الجماعات السهلية التي تعاني من ضغط مرتفع على مواردها المائية.
واختتمت الورشة بتجديد الدعوة إلى ضرورة تحقيق تعبئة جماعية شاملة لكافة الفاعلين، من سلطات محلية ومجتمع مدني وقطاع خاص، من أجل الإسراع في إخراج جميع المشاريع المهيكلة إلى حيز الوجود، وضمان تدبير عقلاني ومسؤول ومستدام لمورد الماء، الذي يعد ركيزة أساسية وأولية لأي تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة بالإقليم.
تعليقات
0