أثار تنفيذ إسرائيل عملية عسكرية في قطاع غزة دون تنسيق مسبق مع واشنطن موجة امتعاض داخل البيت الأبيض، بعدما أسفرت الغارة عن مقتل قيادي بارز في حركة “حماس”، في خطوة اعتُبرت تهديدًا مباشرًا لاتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي تراهن عليه الإدارة الأمريكية كأحد أبرز إنجازاتها الدبلوماسية في المنطقة.
وأفادت معطيات متداولة بأن واشنطن وجّهت رسالة احتجاج رسمية إلى الحكومة الإسرائيلية، عقب العملية التي نُفذت منتصف دجنبر الجاري وأدت إلى مقتل رائد سعد، أحد القيادات العسكرية البارزة في غزة. وعبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في دوائر مغلقة، عن استيائه من الخطوة الإسرائيلية، معتبرا أنها تُربك مسار التهدئة وتُضعف فرص الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
في المقابل، بررت إسرائيل العملية باعتبارها إجراءً دفاعيًا، مشيرة إلى غياب أي مؤشرات على استعداد “حماس” لنزع سلاحها، وهو شرط أساسي ضمن التفاهمات القائمة. ورغم ذلك، تسببت الغارة في تصاعد القلق الأمريكي من احتمال انهيار وقف إطلاق النار، خاصة أنها تعد الأبرز منذ دخول الاتفاق حيّز التنفيذ.
وبينما تجنب البيت الأبيض توجيه انتقادات علنية مباشرة، تحدثت مصادر عن انزعاج داخل الإدارة من تكرار عمليات عسكرية تُنفذ في توقيت حساس، وتُعقّد الجهود الرامية إلى تثبيت التهدئة وفتح مسار إعادة الإعمار. كما أُثيرت تساؤلات حول توقيت العملية، وسط تقديرات تشير إلى أنها كانت مبرمجة سلفًا وليست ردًا آنيًا.
وتعمل الولايات المتحدة، منذ إقرار وقف إطلاق النار، على مواكبة تنفيذ بنوده عبر آليات تنسيق مدني وعسكري، إلى جانب الدفع نحو تشكيل قوة دولية للإشراف على الاستقرار في غزة. غير أن هذه الخطط ما تزال تصطدم بعراقيل، أبرزها تردد الدول في المشاركة، والغموض المحيط بآليات نزع السلاح والانسحاب التدريجي.
ويرى متابعون أن التباين في الرؤى بين واشنطن وتل أبيب بات أكثر وضوحًا، إذ تسعى الإدارة الأمريكية إلى تثبيت هدنة طويلة الأمد تمهيدًا لإنهاء الحرب، بينما تُبدي إسرائيل حذرًا من التزامات قد تُقيد حركتها العسكرية مستقبلًا. وفي ظل الدمار الواسع الذي خلّفته المواجهات، تتزايد الضغوط الدولية لتسريع الحلول السياسية وإطلاق مسار إعادة الإعمار، وسط مخاوف من عودة التصعيد في أي لحظة.






تعليقات
0