تستحضر الذكرى الـ50 لاستشهاد عمر بنجلون (1936-1975) المسار المميز للسياسي والصحافي والحقوقي المغربي، حيث يؤكد محمد الأشعري، رئيس مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، أن الدرس الأبرز من حياة بنجلون هو أن “لا سياسة بدون فكر ومشروع واضح، ولا تغيير بدون ثقة وأمل في المستقبل”، مشدداً على أن الكشف الكامل عن الحقيقة في جريمة اغتياله يبقى مطلباً جوهرياً لعائلته الصغيرة ولعائلته السياسية.
وفي لقاء نظمته المؤسسة، أشار الأشعري إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة لم تحرز تقدماً ملموساً في معالجة هذا الملف، مؤكداً على استمرار النضال من أجل الفكر الحر والالتزام بمعركة التحرير التي دعا إليها الشهيد، والتي تعني مواجهة المخاطر بتبصر واستقلالية في القرار.
واستعرض الأشعري الحوار الأخير لبنجلون مع صحيفة “ليبيراسيون”، واصفاً إياه بـ”الوصية الأخيرة”، حيث عبّر الراحل عن قلقه وحيرته السياسية، ورؤيته الديمقراطية المترددة، مؤكداً على الدفاع القوي عن مغربية الصحراء، واعتباره أن وحدة التراب الوطني جزء لا يتجزأ من المقاومة الشعبية.
وأشار الأشعري إلى أن بنجلون كان يرى أن الديناميكية السياسية هي السبيل لتحقيق التغيير، حتى لو استفاد خصوم الوطن من هذا التحرير مؤقتاً، مؤكداً أن “الأهم هو أن يتحقق التحرير في الأرض والإنسان”.
من جهته، أوضح الباحث الأكاديمي بدر المقري أن كتابات بنجلون نادراً ما خلت من رؤية استشرافية للمستقبل، وأن التألق السياسي للراحل طغى أحياناً على صورته كمفكر، داعياً إلى إعادة الاعتبار لمساره الفكري ضمن السياق التاريخي الوطني. وأضاف أن الاهتمام بذاكرة بنجلون يشكل مدخلاً لفهم الهوية الجماعية المغربية، مؤكداً أن الوعي بالحقوقي المقتول هو مؤشر على طبيعة وشرعية الوعي الوطني.
بدوره، استذكر محمد المريني، الاتحادي السابق وصديق الراحل، تفاصيل اغتيال بنجلون أمام منزله، مؤكداً على التخطيط الدقيق والاحترافية العالية للجريمة، والتي لم تكن في متناول الجماعات المتطرفة آنذاك. كما ذكر المريني المحاولات السابقة لاستهدافه عبر طرد ملغوم، مشيراً إلى شجاعة بنجلون واهتمامه بأصدقائه قبل نفسه، ووفائه الدائم حتى في الجوانب المالية.
ويبرز من خلال هذه الذكرى أهمية ما تركه عمر بنجلون من إرث فكري وسياسي، حيث يستمر طرح أسئلته حول الديمقراطية، الصحراء، والحقائق الوطنية بعد مرور خمسين سنة على استشهاده، مؤكداً أن صوته ما زال حاضراً في النقاشات السياسية والفكرية المغربية.
هسبريس






تعليقات
0