يشير المؤلف إلى أن جزر القمر لم تحظَ بالاهتمام الكافي الذي تستحقه إرثها الثقافي والحضاري والطبيعي، خاصة من قبل المؤرخين والباحثين العرب. فقد تعرضت الجزر لظلم الاستعمار الذي اقتلع جذور ثقافتها العربية، ونهب مخطوطاتها، وفرض اللغة الفرنسية كلغة رسمية، مما أدى إلى إلغاء العربية في الإدارة والمجالات الثقافية، بل وصل الأمر إلى تحريف اسمها العربي.
يوثق مصطفى الزباخ تكليفه من الرئيس الراحل سعيد محمد جوهر بمهمة هامة وصعبة، تتلخص في العمل على قبول جزر القمر عضواً في جامعة الدول العربية. وقد أشار الزباخ إلى أنه كاد يضحي بحياته لتحقيق هذا الهدف، إذ بعث الرئيس ثلاث رسائل إلى أمين عام الجامعة عبر سفيره بالقاهرة، لكن لم يأتِ الرد بالموافقة، فتكلف الزباخ بمواصلة السعي لتحقيق هذه الأمنية الوطنية.
وفي سبيل ذلك، نظم الزباخ المؤتمر الدولي للثقافة الإسلامية عام 1992، بعد سنتين من التحضير والتنظيم، بحضور المدير العام للإيسيسكو آنذاك عبد العزيز التويجري من المملكة العربية السعودية. قدم المؤتمر خلاله العديد من المباحث حول الأصول العربية للثقافة واللغة والأدب والعائلات القمرية، واختُتم بتوصيات مرفقة برسالة من رئيس الجمهورية، حملها ممثل الأمين العام للجامعة مصطفى الشكعة، والتي أدت لاحقاً إلى قبول جزر القمر عضواً رسمياً في جامعة الدول العربية عام 1993.
شهد هذا الإنجاز تهديد الزباخ بالقتل بسبب نشاطاته الثقافية، وأبلغه مدير الإيسيسكو بذلك، داعياً إياه لتولي منصب في مقر الإيسيسكو بالمغرب بعد موافقة رئيس الجمهورية. وقد وصف الكاتب الجو السياسي في جزر القمر بأنه كان مهدداً من قبل المرتزقة، مع تاريخ من الاغتيالات السياسية التي شملت رؤساء البلاد.
ويعد الكتاب شهادة حية على قوة الدبلوماسية الثقافية الموازية ونجاحها في تحقيق ما لم تتمكن السياسة الرسمية من تحقيقه. كما يوثق إنجازات مهمة في المجال التربوي والتعليم اللغوي، من بينها: إعداد كتب مدرسية للغة العربية والتربية الإسلامية للمرة الأولى، تعتمد على المعايير التربوية والثقافية والاجتماعية واللغوية المستندة إلى البيئة القمرية، وتدريب أساتذة اللغة العربية في المدرسة العليا للأساتذة (مفوني) على أحدث الطرق البيداغوجية وتقنيات البحث الجامعي، ما أسهم في إنتاج عدد كبير من البحوث في الحضارة والثقافة العربية بجزر القمر.






تعليقات
0